محمية غابات عجلون.. اطلالة تصوف في تلال تعانق قلعة عنيدة!
29,Apr 2016
وقت القراءة المتوقع
4 min
طارق الحميدي
مشهد يحبس الانفاس،،
بمحبة تشرق الشمس على جبال عجلون ، تطبع قبلة الصباح، فوق افق محميتها التي تتوسط الغابات النادرة ، دائمة الخضرة ..وسط الينابيع التي تتفجر من جنبات وديانها.
تقف محمية عجلون ؛ صبية أردنية يتقدم بها العمر فتزداد القاً، حنت جدائلها بلون أخضر مجبول بعرق الاجداد الذين عاشوا فوق هذه الارض, لتكون كل فصولها ربيعا اخضر اللون.
حارس الزمن
تحرس المحمية منذ الازل تلال عجلون البلد والناس -التي باتت محافظة مترامية الاطراف- وتشرف من الجهة الجنوبية على قلعة عجلون الأثرية وتلة "مارالياس " التي تعتبر واحدا من أحد عشر موقعا مهما للحج المسيحي في الأردن، ما يمنح زوارها فرصة نادرة للإشراف عليها ، وتبدو مثل ذاك الحارس الذي يعيد دورة المكان كلما نام.!
بين اشجار السنديان المعمرة تختبئ محمية عجلون الطبيعية لتحافظ على الق الطبيعة وهي مكسوة بلون أخضر مشرق لتحافظ على ما تبقى من مناطق حرجية وصلت مساحتها الكلية في المملكة الى اقل من 1% .
تأسست محمية غابات عجلون عام 1987م بناء على نتائج دراسة الإتحاد العالمي لصون الطبيعة والصندوق الدولي للأحياء البرية عام 1978م .
وقال مدير المحمية المهندس ناصر عباسي ل "اخر الاسبوع-الراي" أن المحمية تأسست بهدف حماية التمثيل الأفضل لنمط غابات السنديان دائمة الخضرة بمساحة 12000دونم لإدارتها كمحمية طبيعية في محافظة عجلون، وتتكون المحمية من مجموعة من التلال ذوات الارتفاعات المتباينة والتي يصل أقصاها إلى 1100م تقريبا، يتخللها عدد من الأودية الصغيرة والمتوسطة، نزولا إلى أدنى ارتفاع والذي يبلغ 700 متر قريبا.
يحيط بالمحمية ست قرى هي قرى راسون و عرجان و باعون و محنا و الطيارة و أم الينابيع ، وتعاني المحمية من بعض المشاكل البيئية واهمها التحطيب ووجود عدد من الاراضي المملوكة داخل المحمية كما تعاني المنطقة المجاورة للمحمية من الجهة الشرقية من التنزه العشوائي خاصة في فصل الربيع والصيف.
الاهمية البيئية لمحمية غابات عجلون
يعتبر موقع المحمية افضل مكان ممثل للغابات المستديمة الخضرة في الاردن وخاصة ان مساحة الغابات اقل من 1% في الاردن، تمثل المحمية احد أربعة أقاليم توجد بالاردن وهو إقليم البحر الأبيض المتوسط الذي يتمثل بغابات السنديان الدائمة الخضرة حيث ان اقتصار تمثيل هذا الإقليم على موقع محمية غابات عجلون يعطي المحمية أهمية على الصعيدين المحلي والإقليمي الأمر الذي يتطلب العمل على استدامة الحفاظ على هذا الموقع المهم بيئياً
منطقه المحمية تخلو من اية ملوثات او مشاريع صناعية تضر بالبيئة حيث تتميز المنطقة بسلامة نظامها البيئي .
وفيها تنوع حيوي هائل ،وجميل ،يتمثل بوجود اكثر من 400 نوع نباتي و100نوع من الحيوانات والطيور البرية حيث ان موقع المحمية مسجل كأحد اهم المواقع في المنطقة والعالم لمراقبة الطيور وخاصه اثناء موسم الهجرة، وتم عام 2000 إعلان منطقة محمية غابات عجلون من المناطق المهمة للطيور في الأردن .
الطيور المستوطنة
من معالم المحمية،حركة تواجد وحياة مجموعات من « الطيور المستوطنة» في إقليم حوض البحر المتوسط خاصة تلك التي تعيش في الأحراش و المناطق المفتوحة حولها وقد تم تسجيل 54 نوعاً مختلفا من الطيور، كما تتميز بوجود العديد من الانواع المهددة بالانقراض عالميا وفيها يعيش الايل الاسمر الذي انقرض من المنطقة في الستينات .
محمية عجلون من المحميات القليلة التي يتواجد بداخلها سكان محليون اصليون ،ما زالوا يحتفضون بتراثهم ومجموعة من العادات والتقاليد والمنتجات المحلية التي تجذب الزائر .
ولا تقتصر أهمية المحمية على حماية الطبيعة بل بوجود العديد من المواقع الاثرية حول المحمية مثل قلعة عجلون احدى اهم القلاع الاسلامية وموقع مارلياس احد اهم المواقع المهمه للحج المسيحي في العالم والمعتمد من الفاتيكان في ايطاليا .
وتمتاز المحمية بالتنوع الزراعي وخاصة العضوي وانتشار ينابيع وقنوات المياه مما يوفر منتجات زراعية مشهودة على مدار العام مثل : الرمان ، التين ، العنب ، التفاح ، الدراق ، الزيتون ، الخضروات ، الفواكه المجففه .
صون غابات السنديان
..» العباسي « لفت الى أن الهدف الاساسي للمحمية هو ادارتها كنموذج ريادي يوفق بين صون غابات السنديان ومتطلبات التنمية المحلية، وتتميز بجملة من النشاطات التي توفق بين كل تلك العناصر.
..وعلى اثر من جماليات البيئة وامتزاج دلائل المكان مع الحياة اليومية في عجلون ،جرى إفتتاح مشروع السياحة البيئية في محمية غابات عجلون في عام 2004 ،وافتتحفي ذات الوقت المخيم السياحي والمرافق السياحية اللازمة للسياح حيث بدأت المحمية بتشغيل مرافقها امام حركة السياح للمنطقه ،خاصة ان عجلون تفتقر لمثل هذه الخدمات الضرورية لتشجيع السياحة البيئية بالمنطقة ولتوفير افضل الخدمات والبرامج لابقاء السائح في منطقة عجلون اكثر من يوم واحد بالوقت الذي كان السياح لا يقضون اكثر من ساعات في المنطقة.
عدا عن ان المحمية قامت بتطوير مجموعة برامج سياحية تشجع الزائر على الاقامة في المنطقة والتعرف على بيئة المنطقة من حيث التنوع الحيوي والاثار المنتشرة على امتداد المنطقة والتنوع الزراعي والمناطق السياحية وتاريخ المنطقة وغيرها .
بدأت مظاهر التغيير، بتوفير ستة ممرات سياحية توفر للسائح إمكانية التجول بالغابات والتعرف على التنوع الحيوي ومشاهدة اثار المنطقة وزيارة القرى وتناول وجبات ريفية في القرى المحيطة بالمحمية وزيارة البساتين والاودية وشراء المنتجات الزراعية من المزارعين الامر الذي شجع السكان المحليين على إعادة تصنيع انواع الطعام والاغذية التقليدية بالمنطقة وبيعها للسياح .
وهذه الممرات هي :ممر الايل الاسمر ،ممر الروك روز، ممرالصابون ،ممر بساتين عرجان ، ممر مار الياس ، ممر قلعة عجلون ،حيث يقوم الزائر بالمشي من ساعة الى تسع ساعات ،حسب طول الممر وقدرته على المشي وحسب رغبته وعليه فإن السائح يقوم بزيارة هذه المواقع للتعرف عليه بشكل موسع برفقة الدليل البيئي من المحمية.
خدمة المجتمع المحلي
وفرت محمية غابات عجلون 23 كوخا خشبيا متاحا طيلة العام يتسع لاقامة 75 سائحا يوميا مجهزه بكل التسهيلات اللازمه للسياح، فيها خدمة الطعام والشراب طوال السنه.
وبالتجربة فقد بدت الوجبات التي تقدم لزوار المحمية محلية ، يتم شراء كل المواد اللازمة لمطبخ المحمية من السكان المحليين في القرى المحيطة بالمحمية ومن منطقة عجلون والمجتمع المحلي الذي يقوم بتشغيل المطعم من خلال اتفاقية تضمن اشراكا فاعلا للمجتمع المحلي في استدامة تقديم خدمات طعلم محلية بجودة عالية .ويوجد بالمحمية قاعة تدريبية تتسع الى 35 شخصا تستخدم لاقامة ورش تدريبية ويعقد بها العديد من الاجتماعات والندوات والورش التدريبية من داخل وخارج الاردن .
يستفيد سكان القرى حول المحمية من وجود المحمية من خلال فرص العمل في المحمية البالغة حوالي 35 وظيفة ثابتة وعشرات الفرص للعمال ومن خلال الدخل للبيوت في القرى التي تقدم خدمة المنامة والطعام والشراب ومن خلال المواصلات المحلية للسياح وخدمات الدلالة اضافة الى ان جميع مشتريات المحمية من منطقة عجلون وبالتالي فان المنفعة تزداد سنويا وقد بلغت في عام 2015 اكثر من ربع مليون دينار جميعها توزعت بعدالة على القرى المحيطة بالمحمية
لقد بلغت فائدة المجتمع المحلي من محمية غابات عجلون اخر ست سنوات اكثر من مليون وربع دينار وهذا يدل بشكل واضح على ان الغابات تستطيع ان توفر مصدر رزق للمجتمعات بدل ان تكون نقمة كما يقال اذا تم ادراتها بشمل فاعل وباشراك المجتمع واصحاب العلاقة . لذلك فانه لا بد من اضافة قيم جديدة للغابة غير القيم البيئية والتنوع الحيوي وهي قيم اقتصادية واجتماعية وثقافية وترويحية كل هذا بالنهاية يصب في مصلحة حماية واستدامة الغابات والبيئة
تساهم الممرات او المسارات السياحية بشكل كبير في توفير فرص عمل للمجتمع المحلي من خلال العمل كأدلاء محليين مع الزوار القادمين للمنطقة كما تساهم هذه المسارات بالترويج للمنتجات المحلية وتحسن من مستوى دخل الاسر خاصة ان جميع الموظفين الذين يعملون في المشاريع والمحمية هم من المجتمع المحلي ، وتساهم بشكل كبير في إطالة مدة بقاء السائح بالمنطقه خاصة ان العديد من الممرات تتطلب وقتا طويلاً وهذا يتطلب المبيت بالموقع او في القرى المجاورة .
المشاريع الاجتماعية الاقتصادية :
يهدف المشروع بشكل أساسي إلى الحد من البطالة والفقر من جهة وحماية التنوع الحيوي في محمية غابات عجلون من جهة أخرى وذلك من خلال إيجاد فرص عمل بديلة للمجتمعات الزراعية المحيطة بالمحمية والتي تعتمد أساساً في تحصيل الدخل على مجموعة من النشاطات التي تؤدي إلى تدمير الغابات كالرعي والتحطيب وغيرها.
شمل المشروع مجموعة من القرى تضم أم الينابيع، عرجان، باعون، محنا، راسون والطياره حيث يقدر عدد السكان حوالي 18000 نسمه ،وتم ربطها مع مشاريع السياحة البيئية في غابات محمية عجلون من خلال الممرات السياحية حيث قامت محمية غابات عجلون من خلال المشروع على تطوير مجموعة من الممرات السياحية التي تربط هذه القرى بالمحمية ومن هذه الممرات ممر الصابون حيث يستطيع السائح القادم للمحمية ومنطقة عجلون من التجول مشيا على الاقدام الى منطف راسون ومشاهدة كيفية انتاج الصابون المحلي من زيت الزيتون النقي بايدي سيدات المجتمع المحلي وباستخدام الاعشاب الطبيعية كما يستطيع السائح الانتقال الى منطقة عرجان وادي الريان مشيا على الاقدام والتجول في البساتين وتناول وجبات طعام محلية في بيوت السكان المحليين على طول الممر السياحي.
وقامت محمية غابات عجلون بتطوير مناطق لتقديم وجبات محلية من خلال مجموعة من القروض للجمعيات المحلية بالتعاون مع برنامج المرفق البيئي العالمي / المنح الصغيرة ووزارة السياحة ومشروع ال usaid . وهناك ايضا ممر مار الياس الذي يستطيع السائح من خلاله زيارة مارالياس والاستمتاع بمشاهدة الغابات والتنوع الحية داخل المحمية وهناك الفرصه متاحة للزوار لزيارة قلعة عجلون والتعرف على تاريخ منطقة عجلون .
اعداد الزوار :
ان عدد الزوار القادمين للمنطقه ازداد بعد افتتاح الممرات السياحية والمشاريع حيث استطاعت هذه المشاريع من اطالة مدة بقاء السائح في منطقة عجلون والمحمية حيث يستطيع السائح زيارة هذه المشاريع والسير في الممرات السياحية اضافة لتناول وجبات محلية .
لقد ازداد عدد الزوار من 2800 زائر عام 2004 الى 25000زائر عام 2014 وقد ساهم ذلك في زيادة المنافع الاقتصادية العائده للسكان المحليين والاقتصاد المحلي في المنطقة وساهم في احداث تغيير ايجابي حيث كلما زاد عدد الزوار القادمين للمنطقه سيزداد الطلب السياحي على الخدمات والسلع اللازمة للسياح القادمين لمنطقة عجلون .كما ان منطة راسون وعرجان بدأت تشهد حركة سياحية حيث تسعى المحمية الى نقل نشاطات السائح الى القرى المحيطة لتفعيل وتشجيع السياحة في تلك المناطق .
نسبة السياح الاردنيين حوالي 60%
نسبة الاشغال السنوي حوالي %35
تزداد الحركة السياحية نهاية الاسبوع وفي فصل الربيع والصيف
متوسط مدة الاقامه من 1-2 يوم
التواصل مع اصحاب العلاقه :
ضمن برامج ادارة المحمية هناك برنامج مهم وهو الاتصال والتواصل مع جميع اصحاب العلاقة والمجتمع المحلي بهدف اشراكهم في ادارة المحمية وهناك لجنة استشاريه في المحمية برئاسة محافظ عجلون وعضوية اصحاب العلاقه وممثلين عن المجتمع المحلي تجتمع بشكل دوري وذلك من اجل خلق حاله من الاتصال والتواصل المستدام مع صناع القرار على كافه المستويات والادارات المحليه والممثلين عن المجتمعات المحليه بهدف كسب الدعم والتاييد لبرامج حمايه الطبيعة وتفهم المشاكل والمعيقات التي تواجه المحمية للوصول الى مستوى من التعاون والتنسيق الذي يضمن تحقيق الاهداف باعلى درجة من الكفاءة ودمج برامج المحميات ضمن الخطط المحلية (ضمن المحافظة) وضمان ان لا يكون هناك تعارض مابين هذه الخطط و برامج الحفاظ على الطبيعة في المحمية.
برامج التعليم البيئي :
ينفذ في المحميه حاليا برنامج نوعي يسمى فرسان الطبيعة الذي يستهدف بحسب العباسي طلبة المدارس في عجلون وحول المحميه تحديدا يستمر طيلة العام وعلى خمس مراحل يتم خلالها استضافة الطلبة والمبيت في المحمية لعدة ايام برفقة مشرف التعليم البيئي في المحميه ومشرفي ومشرفات المدارس في مديرية تربية عجلون بالتنسيق مع قسم النشاطات في تربية عجلون ويهدف هذا البرنامج الى أن يصبح أطفال المجتمع المحلي حول المحميات الطبيعية روادا أساسيين في تغيير تصورات/ وجهات نظرالمجتمعات جاه المحميات والالتزام بصون الطبيعة وتطوير برامج تعليمية في المحميات الطبيعية يشارك فيها أطفال المجتمع المحلي بفعالية . وفي نهاية العام يتم اختيار الفرسان الفائزين من ضمن 300 مشارك ويتم تكريمهم في احتفال سنوي .
مشاريع المحمية
تستهدف المحمية تنمية المجتمعات المحلية وبالدرجة الأولى عائلات صغار المزارعين وخصوصا النساء اللاتي سوف ينخرطن في إنتاج منتجات طبيعية مرتبطة بالطبيعة كالصابون المستخرج من زيت الزيتون النقي والحلويات والفطائر والنشاطات السياحية الزراعية المتنوعة (مخلللات ، دبس ، زيت زيتون ) وغيرها من المنتجات المحلية التي تشتهر بها منطقة العيون.
ونظمت المحمية العديد من حملات توعية بأهمية الغابات، لزيادة وعي الناس بما تمثله الغابات من كنوز يجب المحافظة عليها وعقد العديد من ورشات العمل التدريبية وقد قامت المحمية بتشجيع المجتمع المحلي على تاسيس جمعيات تعنى بالقضايا البيئية وتساهم في رفع مستوى الوعي البيئي وخلق بدائل وتوفير فرص عمل من خلال مشاريع انتاجية صغيرة في المنطقة .
المشاريع التي تم تجهيزها من عام 2006 الى عام 2015 :
1- بيت الصابون يقدم الصابون المصنع يدويا من مواد طبيعية من قبل أبناء المجتمعات المحلية
2- بيت الحلويات يقدم حلويات شعبية من تراث ومطبخ المجتمع المحلي وتعمل به سيدات من سكان المنطقة.
3- تطوير ممرات سياحية (ممر عرجان ، ممر القلعة ، ممر مارالياس ، ممر الصابون)
4- المرزعة العضوية
فرص العمل التي تم توفيرها في المحميه :توفر المحميه فرص عمل ل 35 موظفة وموظف جميعهم من منطقة عجلون وخاصه المناطق حول محمية غابات عجلون وهناك عشرات العائلات المستفيده بشكل غير مباشر حيث يتم شراء كل المواد الاولية من سكان المجتمع المحلي .