تعتبر المحميات الطبيعية التي تديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة «وادي الموجب ودبين وغابات عجلون وضانا والأزرق والشومري ووادي رم» أساسا للسياحة البيئية في الأردن، فهذه الرعاية جاءت لضمان الاستدامة والمحافظة على الطبيعة، إذ تنتشر في أرجاء الوطن، وتتميز في مبانيها وممراتها والواحات الموجودة فيها.
« الدستور» تجولت في محمية غابات عجلون؛ لتطلع القارئ على جمالية المنطقة، ففي وسط ممراتها التي تختبئ خلف أشجارها الكثيفة، وبين أكواخها الخشبية، التي تتفيأ ظلال خضرتها الدائمة، لا تزال محمية عجلون الطبيعية تدهش زوارها في كل مرة تطأ فيها أقدامهم أرض البلوط.
وتعد عجلون في ينابيعها ووديانها ذات خصوصية سياحية، إذ تكثر فيها الطواحين على جانبي وادي الريان والذي يشتهر بأشجار التين والرمان ويضم أكثر من ثلاثة عشر نبعاً، تتميز بعذوبة المياه التي تغذي البساتين، وتبعث في النفس منظرا جميلا.
كما تمنح محمية غابات عجلون زوارها فرصة الاستمتاع بهدوء الطبيعة، حيث لا صوت يعلو على صوت الريح تشق طريقها من بين أغصان الشجر وسط سمفونية الطبيعة التي تعزف ألحانها الطيور المغردة، ففي المحمية وحين يلتقط الزوار أنفاسهم، تبدأ رحلة المسارات التي يختار منها الزائر ما يناسبه بحسب طول الممر وصعوبته.
مسار عرجان
بدأت رحلة المسير عبر ممر عرجان «أحد المسارات الثمانية التي توفرها المحمية» برفقة مدير السياحة في محمية غابات عجلون، قيس الشواشرة بطول «12» كيلومترا، ويبدأ من محمية عجلون وينتهي بقرية عرجان، وهي إحدى قرى مدينة عجلون، ويستطيع الزائر مشاركة السكان المحليين طعامهم الشعبي المشبع برائحة الأرض عدا عن أنه من خيرات هذه الأرض الخصبة، كما يتخلل المسار مجموعة من المشاهد النادرة مثل رؤية جبل الشيخ في سوريا بوضوح بالإضافة إلى الإطلالة البانورامية على جبال المحمية.
المجتمع المحلي
في نهاية المسار يتوقف الزوار في أحد بيوت المجتمع المحلي التي وفرت لها الجمعية الدعم لاستقبال الزوار وتقديم الخدمات لهم على طريقة المجتمع المحلي، من الطعام والضيافة التي تشتهر بها المدينة.
ويقول سلطان زيتون (أبوعبدالله) صاحب نزل طواحين وادي عرجان، الذي يستقبل الزوار في منزله الذي يشرف على ينبوع ماء صاف يشق طريقة عبر أرض منزله، إن الذي فكرة استقبال سياح محمية عجلون في منزله وتقديم الطعام لهم بدأت منذ أعوام طويلة، حيث كنت أستقبل الزوار وأقدم لهم بعض الخدمات مثل الشاي وغيرها إلا أن الفكرة تطورت بالتعاون مع عدد من الجهات على رأسها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة لنقدم خدمات أكثر احترافية للزوار من الطعام المحلي والمبيت والجلسات الهادئة.
بيت البسكوت
يقع مصنع البسكوت في الأكاديمية الملكية لحماية الطبيعة في منطقة محمية عجلون، وبيت البسكوت هو أحد المشاريع الاقتصادية الاجتماعية التي تقيمها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في المحميات الطبيعية تطبيقاً لرسالتها في الحفاظ على التنوع الحيوي وتكامله مع التنمية الاقتصادية الاجتماعية، وتنمية المجتمعات المحلية.
وتقول أنوار الشويات التي تشرف على بيت البسكوت بعد أن كانت موظفة فيه لفترة طويلة والآن تضمنت المشروع وهي إحدى الأفكار الريادية التي طرحتها الجمعية لتعميم الفائدة على المجتمع المحلي، إنها تقوم بإعداد أنواع البسكويت المختلفة بالتعاون مع شقيقاتي وعدد من سيدات المجتمع المحلي، نستخدم في صناعته مكونات طبيعية ينتج بعضها في المجتمع المحلي بالإضافة إلى خلوها من المواد الحافظة، وإن هذه الفكرة ساعدت على تقديم «تسالي» البسكويت والحلويات الأردنية بروح جديدة، حيث تقدم الوصفات الأردنية القديمة بطريقة جديدة مستوحاة من المكونات المحلية التقليدية، ويمكن للزائر الحصول على هذه المنتجات من دكان الطبيعة أو يمكن تصنيعه حسب الطلب.
مطعم الأكاديمية
وللمطعم في محمية غابات عجلون أو في الأكاديمية الملكية لحماية الطبيعة قصة أخرى،حيث يقول المشرف على المطعم ليث الصمادي الذي بدأ عمله في المحمية في العام 2004 في مطعم المحمية، إنه استمر في العمل لغاية 2013 حين قام بالتقدم لعطاء ضمان المطعم وعندها بدأت قصة النجاح ليتطور معه مطعم المحمية أو الأكاديمية والتي يعمل بها الآن قرابة 34 موظفاً من المجتمع المحلي بوظيفة دائمة ويوفر المطعم قرابة 450 مقعداً يقصده الزوار من مختلف أنحاء المملكة. وقال مدير المحمية عثمان الطوالبة لـ»الدستور»، أن محمية غابة عجلون تأسست عام 1987، وتديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة وتعمل على صون غابات السنديان الموجودة بكميات كبيرة في المحمية، وأن المحمية تقع على مساحة 12 ألف دونم موزعة على 6 قرى محيطة بالمحمية، ويوجد اكثر من 500 نوع من النباتات والأزهار البرية في المحمية و أكثر من 100 نوع من الحيوانات البرية وأكثر من 30 نوعا من النباتات الطبية و20 نوعا من الأحياء البرية المهددة بالانقراض عالمياً، وتعتبر موطن الأيل الأسمر وموقعا مهما لمراقبة 13 نوعا من طيور الأوركيد المهددة بالانقراض، ويوجد في المحمية حيوان الخنزير البري و»ابن آوي» والسلحفاة الإغريقية وهي من الأنواع المهددة بالانقراض.
وأشار الطوالبة، إلى أن عدد زوار المحمية ارتفع العام الماضي إلى 60 ألف زائر معظمهم أردنيون مبيناً أن المحمية مقصد مهم للسياحة الداخلية، خاصة في فصلي الربيع والصيف، وبين أن الجمعية الملكية لحماية الطبيعة قامت بدعم مشاريع سياحية لـ 23 مستفيدا من سكان قرى عرجان وراسون وباعون، مؤكدا أن أهمية محمية غابات عجلون تكمن في تمثيلها لنمط غابات البلوط دائمة الخضرة والتي تتوفر بكثرة في شمال الأردن، كما تتواجد فيها أشجار الخروب وشجر البطم الفلسطيني والقيقب ويعيش بين الأشجار العديد من الزهور البرية مثل السوسنة السوداء وأزهار الأوركيد، مشيرا إلى وجود دكان الطبيعة لشراء المنتجات والهدايا المصنوعة بأيدي سيدات المجتمع المحلي في المحميات.
المصدر: جريدة الدستور