img
عربتك
empty-box

العربة فارغة

عربتك فارغة، يمكنك اضافة عناصر من خلال المتجر

جيولوجيا من سطح القمر في «فيضة الضاحك» جنوب الأردن
13,Dec 2020
وقت القراءة المتوقع
2 min
«فيضة الضاحك»...ربما لا يعرف الكثير من الأردنيين عن تلك المنطقة الواقعة في جنوب الأردن والغنية بتكويناتها الطبوغرافية، وقد زارها مؤخرا فريق «مسارات» بقيادة الفوتوغرافي والباحث عبد الرحيم عرجان لاستكشاف طبيعتها الجيولوجية وأهميتها وتوثيق كل ذلك فوتوغرافيا. البياض الضاحك يقول العرجان عن الموقع : اسمه يبعث الحياة في القلب، وأهلهُ رمزٌ للكرم، وماؤهُ كما رملهُ تذروه الرياح من كل صوب وحدب، أصبح مرقباً لباحثي السماء وعلماء الارض والنبات، وموطناً للطير والحيوان، مسارهُ سعادة وفرح ولونهُ رمزٌ للسلام، تفرد بفنية جمالها في سائر الشرق. وصلنا الحدود السعودية قرب العمري مع ساعات الفجر الاولى، لحظة البداية بوقت تناغم الشمس مع الأرض وهو الأجمل في أوقات البادية، كان جل اهتمامنا لهذا المسار بما سوف نشاهده من منحوتات تحاور في صنعها الريح والماء عاما بعد عام، بأرض استمدت اسمها من بياض ضاحك كالثغر الباسم وسط سمار الصحراء، وبيننا وبين أراضي اشقائنا بضع مئات من الأمتار وخط اعتباري من الحدود. كانت الخطة والتي تكللت بالنجاح أن يكون دربنا التفافي حول القاع ومشارف تلاله بمسافة اجمالية تقارب ثلاثين كيلومترا بمستوى سهل الصعوبة للمتمرس، حتى نستطع رؤية تكويناته من مواقع وارتفاعات مختلفة كأنها منحوتات فنية، هبطنا الى قلب القاع عبر طريق بين كسارات ومرامل عدة تستخرج رمال السيليكا/ الكوارتز ذو الأهمية في الصناعات الكيماوية والكريستال وكذلك السيراميك وفلاتر المياه، وخاماته الأنقى والأكثر صفاء في المنطقة، ويتوجب هذا تنظيم أكبر لعملها حتى لا تنتهك أرض المحمية المحاذية لها. صخور منحوتة ويتابع العرجان: وما هي إلا دقائق حتى كنا في قلب الفيضة الطباشيرية كلسية التربة ضمن خسف هابط كان قبل آلاف السنين تجمعت فيه أنواع مختلفة من الأتربة حملتها الريح عبر عشرات الكيلومترات كما نحتت صخوره لتكوّن مشاهد تحفة أقرب ما يشابه إلى طبيعة سطح القمر، لتجذب الكثير من عشاق التصوير والباحثين في الجيولوجيا وعلوم الأرض والنباتات من مختلف أرجاء المعمورة والذي صادفنا منهم من جامعة ألمانية بمخيمهم البحثي، ففيه نبت الرتم والفرقد وكذلك العوسج والذل والعقول الى جانب الروثة والدبلة والغذم والقيصوم وأشجار الطرفة والقطف، ليكون مراعي لأهل البادية ومصدر سقاية لمواشيها وأملاً لهم بأن يصبح قبلة سياحة بيئية ورصد، ومن مائة المتجمع في وادي المخروق الذي يبدأ من جبال الثليثوات -التي ذكرناها في مقال باير سابقاً- ليصب فيه بعد التفافه بالأراضي السعودية، وما زاد منه يفيض من الفيضة لوادي الهزيم حيث أقيم على مشارفه مخفر لقوات البادية الملكية وقد حمل اسمه. وما بين غراميل كما يسمونها أهل البادية وهيَ تكوينات القاع التي تشبه وجوها بشرية ومخلوقات فضائية وسفنا وأشكالا تجريدية وحيوانية متنوعة يقرأ اشكالها كل حسب رؤيته. ولقد كان حظاً كبير لنا أن نصادف البومة النسارية النادرة التي لم نستطع تصويرها لسرعة اختفائها ومرور رف من القطا والرها، وكما علمنا انه من مستوطنيها العقاب الصحراوي والشواهين، وكذلك الضب والثعلب والقط الرملي المهدد بالانقراض، وسجل هناك عدة أصناف من السحالي الملونة النادرة والبحث جار لإحصاء مخلوقات أخرى، وهذه الحصيلة مجتمعة دفعت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة قبل عامين لإعلان المنطقة محمية ذات خصائص طبيعية متفردة ولا يشابها في المنطقة إلا موقع واحد بالوادي الجديد في مصر حسب اطلاعنا. بياض وسط سواد وبعد هذه الجولة وجدنا منفذ الصعود للمرحلة الثانية ضمن شق بين تَلّين ذي تربة حصوية زلقة، للوصول الى القمة لمشاهدة قاع الفيضة والالتفاف حولها من أعالي التلال المحيطة بشكل حلقي للجرف وهنا كانت دهشة أكبر، فروعة البياض وسط السواد يأسر القلب وقليلٌ نظيره مقارنةً بما شاهدناه في حياتنا، لتكون نقطة استراحة القهوة التي أعددناها على نار نبات الغضا للتمتع بما نراه من جبل الذروة وسبخة الهزيم وما حولها من نخيل ووادي أرتيمة والشلالة، وبقلب القاع مناظر اختلفت كلياً من أعلى عما كان بقلب المكان، حتى طبيعة الأرض أصبحت حصوية صوانية تختلف كلياً عن أسفله، ثم ما مشينا قليلا حتى وصلنا إلى المطل الذي أنشأته الجمعية المشرفة على الموقع والخريطة التعريفية الثابتة بمسمياتها وأبعادها وهي نقطة النهاية، لنعود أدراجنا إلى عمان بعد المرور مرة أخرى بين كسارات الرمل حيث بدأنا. المصدر: جريدة الدستور