خبراء: تعدين النحاس في ضانا سيتسبب في تلوث المياه والتربة والتأثير على الكائنات بالمنطقة
06,Sep 2021
وقت القراءة المتوقع
3 min
من موطن لجمال الطبيعة وسكونها، ومن مصدر للحياة والصفاء الروحي والهدوء، ومن ملجأ آمن للطيور المهاجرة والحيوانات النادرة، إلى مركز للضوضاء والتلوث والتراب والغبار، هذا ما تنذر به تحولات اقتطاع جزء من واحدة من أندر المحميات الطبيعية على مستوى العالم لغايات التعدين في محمية ضانا للمحيط الحيوي.
يهدد التلوث البيئي الناتج عن عمليات التعدين ضانا وجودياً، ضانا بمجتمعها المحلي، وطيورها النادرة، وأشجارها الفريدة، وتضاريسها الخلابة، ويعيد إلى الأذهان عدداً من التجارب التعدينية في الأردن التي قضت على الكثير من أشكال الحياة البرية.
ويعتبر التلوث البيئي الناتج عن التعدين واحداً من أهم المشكلات التي تواجه البشرية في العصر الحديث، حيث تزداد تراكيز المواد الملوثة في التربة وتتسرب الى المياه الجوفية وطبقات الأرض وتختلط بجذور النباتات لتصل في النهاية إلى الإنسان إما من خلال المياه أو من خلال النباتات أو من خلال أكل لحوم الحيوانات أو شرب حليبها، وبحسب خبراء فإن هذه الاحتمالات واردة الحدوث بشكل كبير.
وكانت رئاسة الوزراء قررت تكليف وزارة البيئة بـ “تعديل حدود محمية ضانا، لاقتطاع مساحة من أرض المحمية بهدف التنقيب واستخراج النحاس منها.
واعتبر خبراء في تصريح صحفي أن التعدين بشكل عام له محاذير ومخاطر كبيرة على البيئة وأن تعدين النحاس يزيد من هذه المخاطر وخاصة في منطقة محمية تعتبر مهددة بالتلوث وفقدان قيمتها المعنوية والرمزية والطبيعية والاقتصادية في آن واحد.
وقالت خبيرة المياه والبيئة الدكتورة منى هندية أن تعدين النحاس يؤدي الى تسرب كميات من النحاس مع المياه الى باطن الأرض وأن كمية كبيرة من النحاس عند تسربها للأرض فإنها تشكل ضرراً كبيراً على جذور النباتات ويسبب شحوبا للنباتات، مبينة أن طريقة تداخل النحاس في عملية البناء والهدم في النباتات وبشكل أساسي في تعطيل تفاعل أنزيمات متخصصة تضر بالنباتات بشكل كبير.
وبينت الدكتورة هندية أنه وعند استخدام المياه في التعدين فهناك فرصة كبيرة أن تصل المعادن الثقيلة إلى المياه الجوفية وزيادة تراكيز هذه المعادن في المياه الجوفية لا سيما النحاس والتي قد تسبب تلوث هذه المياه لتصبح غير صالحة للزراعة أو للشرب.
وقالت الدكتورة هندية أن هناك أكثر من نوع للتعدين وهناك تعدين سطحي ويتم عادة استخراج النحاس من مناطق قريبة من الأرض أما التعدين تحت السطحي فهو عادة ما يتم من خلال تفجير وإزالة الصخور وفي كثير من الأحيان تفجيرها وإذا ما تم استخدام أحماض الكبريت فإنها حتما ستتسرب إلى المياه الجوفية، وستسبب حموضة للأحواض الجوفية، والتي ستبقى رواسبها في هذه المياه لفترات طويلة حتى بعد توقف التعدين.
من جانبها قالت خبيرة إدارة جودة المياه المهندسة سوزان الكيلاني، أن هناك عدة طرق لتعدين النحاس تعتمد على كميات النحاس وعمقها في باطن الأرض بالإضافة للتكوين الجيولوجي للمنطقة، إلا أنها قالت عادة ما يتم تفجير الصخور وفيما بعد طحنها لاستخراج النحاس، مؤكدة أن هذا النوع من التعدين لا يمكن أن يتناسب مع محمية هادئة ووادعة وفريدة مثل ضانا.
وبينت الكيلاني أنه في أغلب عمليات تعدين النحاس يكون هناك نفايات ومخلفات ( طمم وصخور وأتربة) بالإضافة لنواتج التعدين الأخرى وأن هذه التلال من المخلفات ستشكل عبئاً في كيفية التصرف بها والتخلص الآمن منها، مبينة أن هناك أكثر من نموذج في الأردن تم التعامل مع هذه المخلفات بطريقة غير صحيحة مثل تلال الفوسفات في الرصيفة، وهي مخلفات عمليات تعدين الفوسفات التي تركت على شكل تلال في منطقة التعدين.
وبينت الكيلاني أن التعدين عادة يحتاج إلى كمية كبيرة من المياه وتساءلت عن مصدر المياه الذي سيتم تأمينه لغايات التعدين، خاصة في ظل شح المياه في الأردن، بالإضافة إلى أن عمليات المعالجة والاستخراج عادة ما ينتج عنها أحماض مؤذيه، وإذا تسربت إلى المياه ستكون قاتله لكل الأنواع البرية في المنطقة سواء كانت حيوانات أو نباتات.
ودعت الكيلاني الى دراسة كلف هذا التعدين وموازنتها مع المنفعة، مبينة أن دراسة الكلف يجب أن تتخطى البعد الاقتصادي فقط ودراستها من حيث الآثار البيئية والاقتصادية والصحية وتكاليفها على السكان المحليين.
وبينت الجمعية أن عدداً كبير من أبناء المجتمع المحلي في محمية ضانا وفينان يعتمد على الزراعة والرعي وبالتالي فان هؤلاء سيتأثرون وبلا شك في مصادر رزقهم التي اعتادوا عليها نظراً لتلوث المياه والتربة، ناهيك عن تلوث التربة والمياه التي ستصل متبقياتها الى الحياة البرية التي تعيش في ضانا، وربما تمتد هذه الملوثات مع الطبقات الأرضية، وبالطبع إذا الأنسان الذي يقطن فيها.
وأكدت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة موقفها الرافض وبشكل كلي لاقتطاع أي جزء من محمية ضانا أو أي محمية أخرى، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية التي يكفلها القانون الأردني لحماية الطبيعة وكل ما يعيش فوق أرض الوطن الغالي الذي يستحق منا جميعا الحفاظ عليه.
المصدر: جريدة الغد