يحتفل العالم في موسمي الربيع والخريف من كل عام باليوم العالمي للطيور المهاجرة والتي تجوب بقاع كوكبنا خلال هجرتها بين شمال الأرض وجنوبها فتعبر بيئاتنا ونظمنا البيئية ساعية في تمكين استقرار هذه النظم لتعود بالفائدة على الانسان الذي كرمة الله سبحانه وتعالى بان سخر له كل هذه الخلائق.
تنتهج الجمعية الملكية لحماية الطبيعة نهجاً مميزاً في حماية الإرث الطبيعي في وطننا من خلال تنفيذ العديد من البرامج والفعاليات التي تقوم على تمكين المعرفة لدى مجتمعنا بأهمية حماية الطبيعة والتنوع الحيوي ليعود لنا بالفائدة من خلال الخدمات المختلفة. حيث تقوم الجمعية على استغلال المناسبات العالمية المرتبطة بأهدافها لإيصال الرسائل التوعوية والمعلومات الهادفة لتعزيز مستوى المشاركة العامة من المجتمع للمشاركة بأشكال مختلفة في حماية رأس المال الطبيعي في وطننا.
في هذا العام تأخذ فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للطيور المهاجرة عنوانا بارزاً لاحد ابرز التحديات التي تواجه الطيور المهاجرة وهو التلوث الضوئي، حيث تلعب الإضاءة الكبيرة في المدن دور كبيرا في تهديد سلامة الطيور المهاجرة خصوصا تلك التي تتخذ من الليل توقيتا لهجرتها فكان شعار هذا العام "خفت الإضاءة ليلاً من اجل الطيور"، وفي هذا السبيل فان الجمعية الملكية لحماية الطبيعة تتخذ من هذا الشعار أولوية بارزه منذ تأسيسها بحيث تجعل الإضاءة في مواقعها خصوصا تلك التي تعد مناطق هامة لاستراحة الطيور في حدودها الدنيا. لتتيح للطيور التي تتخذ من هذه المواقع معبرا او استراحة لها خلال الليل مناطق امنه.
ففي شبكة محمياتنا الطبيعية في المملكة يشكل التعاون الكبير بين وزارة البيئة والجمعية الملكية لحماية الطبيعة لإنجاح اهداف حماية الطبيعة نموذجاً رياديا على مستوى الإقليم يضع الأردن ضمن اهم الدول القائمة على تبني نهج الحماية خصوصا ان الأردن يعد من الدول السباقة في التوقيع واعتماد الاتفاقيات الدولية الساعية لحماية البيئة في هذا الكوكب ولا سيما الاتفاقية الاطارية للتغير المناخي واتفاقية حماية التنوع البيولوجي واتفاقية حماية الأنواع المهاجرة.
وفي سياق متصل فان حركة هجرة الطيور خلال الربيع الحالي نشهد عبوراً كبيرا للأنواع المختلفة من الطيور عائدة من افريقيا باتجاه أوروبا ضمن ثاني اهم مسار لهجرة الطيور في العالم والذي يسمى مسار حفرة الانهدام والتي تحتل الأردن موقعا استراتيجيا علية رابطة بين قارتي اسيا وافريقيا، وتشهد المتابعات وعمليات المراقبة الدورية للأنواع المهاجرة في محمياتنا الطبيعية بشكل عام ومرصد طيور العقبة ومحمية الأزرق المائية ومحمية فيفا الطبيعية تسجيلات مهمة لأنواع مختلفة يعد بعضها من الأنواع المهددة بالانقراض سواء على المستوى العالمي او المستوى المحلي.
من هنا فان الجمعية الملكية لحماية الطبيعة تتطلع لمساهمة الجميع في الشروع بتخفيف الإضاءة خلال الليل والذي بدورة يعود بالنفع العام من خلال حماية الطيور والطبيعة ويعود بالنفع الخاص من خلال توفير كلف الطاقة والذي بدورة يعود بالفائدة على كوكبنا بتخفيف تراكيز غاز الكربون، الامر الذي سيشكل حالة استقرار أكبر لحياتنا من خلال تجاوزنا لتحديات التغير المناخي التي تلقي بظلالها على واقع حياتنا الاجتماعي والصحي والبيئي والاقتصادي على حد سواء.