“ساعة الأرض”.. ناقوس خطر جراء عدم إقامة مشاريع التخفيف البيئي
28,Mar 2021
وقت القراءة المتوقع
3 min
دق خبراء بيئيون، ناقوس الخطر من “عدم المضي قدما في مشاريع التكيف والتخفيف من ظاهرة التغير المناخي، والطاقة المتجددة، وإقامة المدن المستدامة الخضراء، لما سيشهده الأردن من عواقب صحية وكوارث طبيعية خطيرة مستقبلا”.
وبالتزامن مع الاحتفال رقميا في ساعة الأرض، التي شارك فيها الأردن، أكد الخبراء أن “الأردن يشهد ما يسمى بالهجمة الخرسانية على حساب المسطحات الخضراء، إذ أن المشاريع الإنشائية تقام على الأراضي الزراعية، وليس على تلك الصحراوية”.
وشدد هؤلاء الخبراء، في تصريحات لـ”الغد”، على ضرورة “إقرار تشريعات تساهم في زيادة نسب مساهمة الطاقة المتجددة”، مطالبين بـ”منح وزارة البيئة القوة السياسية المطلوبة، لتحديد المعايير المتعلقة بالتكيف والتخفيف مع التغير المناخي في كل القطاعات”.
إلى ذلك، أكدت الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي على أن فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، كان بمثابة تذكير للبشرية بأنها تستنزف الموارد الطبيعية دون تفكير في المستقبل، وأنها تعتمد على حرق الوقود الأحفوري بشكل غير مسؤول، وتتسبب بظاهرة التغير المناخي.
وقالت لا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن “هذه الأزمة الصحية أثبتت للعالم بأن أي اعتداءات تطال الطبيعة كما حصل الآن، سنرى تأثيراتها السلبية مباشرة وبسرعة كبيرة مثل مسألة ظهور الأوبئة”.
وبينت الجيوسي أن “تعافي الطبيعة أمر ليس بالمستحيل، وقد شهدنا ذلك خلال فترة الإغلاقات في كورونا، والتي تعتبر من الدروس المستفادة التي على الدول أن تتعلم منها كيف يمكن حماية البيئة، ومكوناتها وبطريقة مستدامة”.
وحذرت من أن “عدم إعادة تفكير البشرية بعلاقاتها مع الكوكب والتنوع البيولوجي، والاستمرار في تدمير الموارد الطبيعية، سيؤدي الى ظهور جائحة مماثلة لـ”كورونا”، بل سنشهد أزمات صحية متتالية”.
وأوضحت الجيوسي “عند الحديث عن التغير المناخي، لا يجب فقط التطرق الى مسألة التكيف، بل كذلك للإجراءات الاحترازية والتخفيف، مثل الاعتماد على الطاقة المتجددة، والإبقاء على ما نسبته 80 % من الوقود الإحفوري داخل باطن الأرض، والذي يحتاج الى إرادة سياسية قوية”.
وأشارت إلى أن “ساعة الأرض تعد بمثابة تذكير للأفراد والشركات والمحلات التجارية، بأن إطفاء الكهرباء لمدة ساعة، واتباع ممارسات فردية بسيطة في التعامل مع الطبيعة، فإنها ممكن أن تحدث تغيرا إيجابيا كبيرا”.
ويعود تاريخ هذا الحدث للعام 2007، إذ أطفأت مدينة سيدني الأسترالية الأنوار لمدة ساعة، وشارك في الحدث نحو 2.2 مليون منزل وشركة، وفي العام 2008 اتسع نطاقه ليشمل العالم، وشارك نحو 50 مليون شخص من 370 مدينة حول العالم.
من جهته، قال رئيس الكلية الجامعية الوطنية للتكنولوجيا، الدكتور أحمد السلايمة، رغم أن الأردن “خطا خطوات جيدة جدا في مجال الطاقة المتجددة، لكن ما تزال غير متكاملة بالشكل المطلوب”.
وأضاف أن “نسبة مساهمة الطاقة المتجددة لكل فرد من عدد السكان في المملكة، تعتبر من المؤشرات المرتفعة في المنطقة. لكننا ما نزال متأخرين في هذا الشأن على الخريطة العالمية”.
وبين السلايمة أن “استهلاك الطاقة في الأردن خلال العام الماضي انخفض، والذي انعكس إيجابا على الطبيعة والتغير المناخي”. لكنه تابع أن “الأردن تراجع في خطوة تعميم فكرة استخدام السيارات الكهربائية، بعد فرض الرسوم على اقتنائها”.
وأضاف أن “القدرة التوليدية العالية من الطاقة، لا بد من الاستفادة منها من قبل الجهات المعنية، ولا سيما في مجال وسائل النقل العمومي، ليصبح تشغيلها على الطاقة النظيفة، والذي يتطلب خطوات تكاملية بين الوزارات المعنية”.
وأعرب السلايمة عن أمله في أن “يتم إقرار تشريعات تساهم في زيادة نسب مساهمة الطاقة المتجددة، في وقت يجب فيه منح وزارة البيئة القوة السياسية المطلوبة، لتحديد المعايير المتعلقة بالتكيف والتخفيف مع التغير المناخي في كافة القطاعات”.
وأشار الى أن “انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون، الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري، في حال استمرارها على ذات الوتيرة التصاعدية، فإن ذلك سيتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض لما فوق درجتين مئويتين، وهو أمر كارثي”.
ودعا السلايمة الى “ضرورة استغلال حدث ساعة الأرض العالمي، لتذكير وتوعية الناس بأهمية التغير المناخي والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة، وبأن الأردن والعالم سيشهدان كوارث طبيعية مستقبلا”.
وتحت شعار “صحتنا وصحة كوكبنا مترابطين بصورة وثيقة، وكلاهما في خطر”، دعا الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، الأفراد والمجتمعات وملاك المنازل والشركات للمشاركة في ساعة الأرض هذا العام إلى اتخاذ إجراءات رمزية عدة من بينها إطفاء الأضواء، والأجهزة الإلكترونية غير الضرورية لمدة ساعة واحدة ما بين 8.30 و9.30 مساء.
ومن بين الأمور التي تساهم في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، إقامة المدن المستدامة والصديقة للبيئة، فالأمم المتحدة وضمن خطط أهداف التنمية المستدامة 2030، ركزت على هذا الشأن بشكل كبير، وفق رئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية، عبدالله غوشة.
وبين غوشة أن “هنالك مجموعة من المؤشرات والمعايير التي وضعتها لإقامة هذه المدن، في ضوء أن 70 % من سكان العالم، سيقطنون في تلك الأماكن مستقبلاً”.
وفي الأردن، من وجهة نظر غوشة، “العديد من الاستراتيجيات والدراسات المتعلقة بإقامة المدن المستدامة تم وضعها، ولكن لا يوجد أي شيء مطبق على أرض الواقع”.
وقال إن “الأردن يشهد ما يسمى بالهجمة الخرسانية على حساب المسطحات الخضراء، إذ أن المشاريع الإنشائية تقام على الأراضي الزراعية، وليس على تلك الصحراوية”.
وشدد على أن “ذلك الأمر يعد بمثابة تحد لا بد من معالجته عبر تعديل قانون تنظيم المدن والقرى، كما أن نظام الأبنية والتنظيم لمدينة عمان، والقرى، لم يضع حوافز واضحة فيما يتعلق بالبناء الأخضر”.
ولفت غوشة الى أن “بعض القيود موجود في قطاع الصناعات، بحيث يشترط الحصول على الموافقات البيئية قبيل المباشرة في تنفيذ أي مشروع، لكن يجب أن يتم تعميمه كذلك على الإنشاءات المختلفة”.
وشدد على أن “المضي في شأن المدن المستدامة أصبح ضرورة قصوى، ولا سيما بعد “كوفيد 19″، وما نشهده من تبعات للتغيرات المناخية السلبية”.
من ناحيته، أكد مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، يحيى خالد، أن الحفاظ على التنوع البيولوجي من التدهور يعد واحدا من الحلول لمواجهة التغير المناخي.
وقال إن “الاهتمام في الأردن بشأن التغير المناخي والتنوع الحيوي لا يتعدى إطار إيلاء العناية والحفاظ على الأشجار فقط، باعتبار أنه له قيمة ثقافية، وأحيانا دينية”.
وتابع أن “مشاريع التشجير التي تطلقها المؤسسات الحكومية، وغيرها، لا يتم تنفيذها بالشكل الصحيح والمطلوب، إذا لا يتم اختيار المناطق الصحيحة المستهدفة”.
وأوضح خالد أن “الحفاظ على ما تبقى من الغابات والأشجار الطبيعية يجب أن يكون على سلم الأولويات للحكومة، دون العمل على تدميرها كما هو حاصل الآن، وقبيل الحديث عن شأن التشجير”.
وأضاف أن “هنالك ضرورة لإعادة النظر في مسألة استملاك الأراضي الخاصة، التي تصنف على أنها منطقة غابات، وتحويلها للمنفعة العامة”.
وفيما يتعلق بقضية التنوع الحيوي في الأردن، رأى خالد أن “هذا الموضوع ليس موجودا في ذهن صناع القرار، فما تزال نظرتهم نحوه بسيطة جدا، حيث أن معظم البرامج لا تنفذ من قبل المؤسسات الحكومية”.
وأكد أن “الحكومة تبذل فقط الجهود في قضيتي التنوع البيولوجي والتغير المناخي، عندما يكون هنالك تمويل للمشاريع فقط، ولذلك لا نرى أية برامج طويلة الأمد في العمل”.
المصدر: جريدة الغد