الدستور- حسام عطية
يقصد العديد من المواطنين والزوار والمغامرين «محمية ضانا» كجهة خاصة لعشاق الحياة البرية لكونها ضم نصف انواع النباتات والطيور في البلاد ويوفر بنية تحتية لاستضافة عشرات ألاف الزوار سنويا من الباحثين والمغامرين.
وفي محافظة الطفيلة « 180 كم جنوب العاصمة عمان « تقع المحمية، وهي الأكبر في المملكة والوحيدة بين 9 محميات التي تضم ثلاثة أقاليم جغرافية، من إقليم البحر الأبيض المتوسط إلى إقليم النفوذ السوداني، وتمتد من جبالها الشاهقة وصولا إلى منحدراتها الغائرة في الأرض.
ومحمية ضانا، التي تأسست عام 1993، تضم في سفوحها وجبالها 7 أنماط نباتية من أصل 13 نمطا موجودة في الأردن، إضافة إلى 833 نوعا من النباتات، لتشكل 50 بالمئة من نباتات المملكة، وثلاثة منها تم اكتشفاها داخل المحمية وتعد من الأنواع النادرة في العالم.
كما تضم المحمية 216 نوعا من الطيور تشكل 45 بالمئة من الطيور في الأردن، بينها أنواع مهددة بالانقراض، مثل النسر البني، والعقاب الأسود، إلى جانب 38 نوعا من الثدييات والمهدد بعضها بالانقراض، مثل الماعز الجبلي، والضبع، والوبر، والذئب، والوشق، والثعلب.
هضاب ومرتفعات
ووسط أجواء طبيعية ساحرة تبعث في النفس الطمأنينة والراحة تقع محمية ضانا في الأردن على مساحة تتجاوز ثلاثمائة كيلو متر مربع، ما يجعلها مقصدا لعشاق الطبيعة ومراقبة أنماط الحياة البرية.
بدوره نوه مدير السياحة في المحمية رائد الخلايلة، إن « ضانا هي جوهرة المحميات في الأردن، إذ تقارب مساحتها 300 كيلو مترا مربعا على مد بصر الناظر إلى مرتفعاتها وهضابها «.
ولفت الخلايلة إلى أن « المحمية لم تعد مقصدا للسياح فقط، بل باتت مصدر رزق لعدد كبير من أبناء المنطقة، الذين يعملون فيها بوظائف مختلفة، كما أنها أحدثت نقلة جوهرية بالنسبة لعمل المرأة في مثل هذا النوع من المشاريع «.
ويوضح الخلايلة أن « المحمية تشغل حاليا 3 مشاريع حرفية، هي مشروع النباتات الطبية والمربيات، ومشروع الحلى الفضية والنحاسية، إضافة إلى مشروع الجلود، الذي يضم حاليا نحو 25 فتاة وسيدة «، فيما يستطيع زوار المحمية التمتع بثلاثة مواقع للإقامة، وهي بيت الضيافة ومخيم الرمانة ونزل فينان البيـئي بإدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، إلى جانب بيوت القرية القديمة، التي أصبحت منازلها تستخدم لأغراض سياحية، بعد أن حولها أصحابها الأصليون إلى فنادق شعبية صغيرة.
بيت الضيافة
ولفت مدير السياحة في محمية ضانا إن بيت الضيافة، الذي تم تحويله إلى فندق، كان مكانا يقصده الباحثون والمغامرون للراحة، أما الآن، وبعد توسعته التي انجزت في إبريل / نيسان الماضي، أصبح يحتوي على 23 غرفة، إضافة إلى غرفة عامة للزوار، الذين يستقبلهم على مدار العام.
وبحسب القائمين على المحمية، فإن عدد زوراها يقدر بنحو 120 ألف زائرا سنويا، مقارنة بما لا يزيد عن 500 زائرا للمنطقة قبل إنشائها ولكون بيت الضيافة مكانا بيئياً، فإن الإنارة، وغيرها، تعمل باستخدام الطاقة الشمسية، وتخلو غرف الزوار من أي تغطية إنترنت، أو أية أجهزة كهربائية باستثناء مراوح عادية، فيما تقدم صالة الاستقبال خدمة الإنترنت اللاسلكي لمن يرغب بها، إضافة إلى توفير شاشة تلفاز واحدة، أما الطعام المقدم للزائرين فيتم إعداده من قبل سيدات من المجتمع المحلي للمحمية، يقطن في قرية قريبة، إذ يعددن أطباقا شعبية تلقى إقبالا واستحسانا من الكثيرين.
مخيم الرمانة
محمية ضانا تضم أيضا مخيم الرمانة، وهو يقع داخل المنطقة الرئيسية من المحمية وعلى الهضبة المقابلة لتلك التي يقبع عليها بيت الضيافة هذا المخيم يمكن الوصول إليه فقط باستخدام سيارات خاصة يقودها سائقون متمرسون، وعلى خبرة بتضاريس المنطقة، وهم غالبا من سكان « ضانا « أو القرى القريبة منها.
ويحتوي المخيم على 25 خيمة مجهزة للمبيت، ليستوعب 135 زائراً يومياً، هم 60 للمبيت 75 للزيارات النهارية، إضافة إلى خيمتين بدويتين كبيرتين ومنطقة خارجية للطعام ومرافق صحية لخدمة الزائرين، الذين يستقبلهم المخيم بين منتصف مارس/ آذار ونهاية أكتوبر / تشرين أول.
مراقبة الطيور
وتتوزع أماكن لمراقبة الطيور في أرجاء مختلفة من غير تلك التي تم تخصيصها لمشاهدة الحيوانات البرية، إلى جانب مواقع مخصصة لمراقبة النجوم، ويتم تقديم وجبات عربية تقليدية يعدها أبناء المنطقة، وأن « المحمية تقدم تنوعا ما بين كونها مكانا تاريخيا وطبيعيا وبين وجود مجتمع محلي يعيش فيها وحولها ما يزال يحافظ على أصالته وبساطته «، كما أن « المحمية تعد بؤرة اقتصادية مهمة لمنطقتها، فهي تضم مشاريع أصبحت مصدر دخل للعديد من السكان، سواء بطريقة مباشرة لمن يعمل فيها بوظائف مختلفة، أو بشكل غير مباشر من يقدمون خدمات للمحمية وزوارها، مثل النقل والإرشاد السياحي، إلى جانب إعداد العديد من المنتجات المعروضة والمستخدمة في المحمية «، كما تضم المحمية، « 70 موقعا أثريا فريدا، إلى جانب تعدد أقاليمها الجغرافية والطبيعية، التي يندر وجودها في مكان واحد، ليس على مستوى الأردن فحسب، بل على مستوى المنطقة العربية «.
يوم السياحة العالمي
ويشارك الاردن العالم بيوم السياحة العالمي في السابع والعشرين من أيلول من كل عام حيث تم إعتماد شعار «السياحة المستدامة – أداة التنمية»في هذا العام الذي أطلقته منظمة السياحة العالمية مؤخراً ويخصص هذا اليوم لإستكشاف سبل إسهام السياحة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويصادف هذا التاريخ يوم دخول النظام الأساسي لمنظمة السياحة العالمية حيز النفاذ منذ عام 1980، وبإعتبار التنمية المستدامة طريق جديد لتحقيق رفاهية الأفراد، تم التوافق بين دول العالم في عام 2015 على مجموعة الاهداف التنموية المستدامة وعددها 17 هدف، وهي بمثابة خطة عالمية لتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
وتقوم وزارة السياحة والاثار بتنظيم مجموعة من الأنشطة بهذه المناسبة تتضمن تنفيذ دورات توعوية في مدارس محافظات البلقاء وجرش ومادبا وتنفيذ نشاط إجتماعي للأشخاص كبار السن ومنتفعي الجمعيات الخيرية وتقديم أنشطة وفعاليات مختلفة في موقع جبل القلعة الأثري، علاوة على تنفيذ حملة تطوعية لتنظيف مواقع وادي بن حماد في الكرك ومار إلياس في عجلون، بإعتبار شعار هذا العام يرتبط بتطوير وتنمية المواقع السياحية حتى تصل إلى المستوى اللائق أمام الزوار بكافة محافظات المملكة مما يساهم في حماية البيئة والتنوع الحيوي والتقليل من الأثر السلبي على الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة وعناصر البيئة والحد من التلوث البصري وصولاً لتحقيق السياحة المستدامة كتوجه عالمي.
وتماشياً مع التوجهات العالمية، تعمل وزارة السياحة والآثار بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمعات المحلية وكافة الشركاء على تحديث الاستراتيجية الوطنية للسياحة للأعوام (2017-2021) لجعل الأردن وجهة سياحية مميزة تقدم تجربة سياحية متنوعة على مدار العام بما يثري حياة الأردنيين وزوار الأردن.
يذكر أن وزارة السياحة والآثار تعمل حالياً على تنفيذ (35) مشروعاً لتطوير المنتج السياحي وتوفير الخدمات السياحية الأساسية في المواقع السياحية والأثرية، بما يساهم في تحقيق أهداف وغايات التنمية المستدامة في القطاع السياحي وبما يضمن إشراك ابناء المجتمعات المحلية في إدارة وتشغيل العديد من المرافق وتقديم الخدمات السياحية بما يثري تجربة الزوار ويساعد في إطالة مدة اقامتهم في المملكة.